بنات أعوج

لثلاثـاء 03 جمـادى الاولـى 1433 هـ 27 مارس 2012 العدد 12173

رثى أبو الطيب المتنبي في زمانه أحد الشجعان، فكان مما قاله:
وإذا المكارم والصوارم والقنا وبنات أعوج كل شيء يجمع وأعوج هذا فحل معروف إليه تنسب الخيول الأعوجية وهي من كرام الخيل عند العرب قال الواحدي في تفسير البيت... وأعوج مهر فحل كريم، كان لبني هلال بن عامر، قيل لصاحبه ما رأيت من شدة عدوه فقال: ضللت في بادية وأنا راكبه، فرأيت سرب قطا يقصد الماء فتبعته وأنا أغض من لجامه، حتى توافينا الماء دفعة واحدة.... وإنما قيل له أعوج لأنه كان صغيراً وقد جاءتهم غارة فهربوا منها، وطرحوه في خرج وحملوه لعدم قدرته على متابعتهم لصغره فاعوج ظهره من ذلك فقيل له أعوج.

الأحداث السياسية الأخيرة في العالم العربي خاصة، عظمت بسببها الرغبة وازدادت المطامع، وما من أحد إلا وامتطى جواداً نحو غايته، ولئن قال عمران بن حطان عن نفسه وهروبه:

يوماً يمان إذا لاقيت ذا يمنٍ وإن لقيت معدياَ فعدناني فإن كثيراً من الجماعات والتيارات والألوية والأفراد تثبت حينا وتتلون حينا، فكل من الحرية والإسلام والعدالة والتغيير والمساواة والمدنية والازدهار، اتخذت مطايا في هذا المضمار الرحب والميدان الواسع، وكل يراهن على فرسه زاعماً أنها يقينا من بنات أعوج تغلب ولا تغلب وتسبق ولا تسبق.

لقد عرف ((ديوي)) البراغماتية بقوله: إنها تدع الواقع يفرض على البشر معنى الحقيقة، وليس هناك حق أو حقيقة ابتدائية تفرض نفسها على الواقع اهـ.

وقطعاً لا تتفق هذه الفلسفة مع التصور الاسلامي الصحيح للأشياء، إلا أن جماً غفيراً من الإسلاميين عمدوا إلى هذه الفلسفة بحجة حسن النية.

ولست هنا حكماً على قضايا متداخلة وأهواء متعددة وغربة للدين مستحكمة، وكذلك لست مصادماً لأمواج عاتية متلاطمة، لكن ثمة قول لابد منه، لقد قضى الله أنه ما من أمر إلا سينجلي قال ربنا: ((وكل أمر مستقر)) عندها يصدق الحكم ويبدأ قلم التاريخ في التدوين ومداد الإنصاف في الكتابة، وأقول لكل من له عناية بالشأن العام عربياً وإسلامياً إنه لما كان عام الرمادة وأظهر الفاروق رضي الله عنه من الصدق مع الله ومع رعيته ما جعل ذلك الأعرابي بفطرته وصرامته يقول لعمر بعد أن سقي الناس وأخصبت الأرض، قال يا عمر: لقد انجلت عنك وإنك لابن حرة.

إنه أيها المتسارعون الصدق مع الله.

قال العز بن عبد السلام: والله لن يصلوا إلى شيء بغير الله فكيف يوصل إلى الله بغير الله.

وعما قليل ستنجلي الأحداث عن أحرار وغير أحرار.

والأيام دول والله غالب ولا يصلح الناس إلا دين ربهم.

 

https://archive.aawsat.com/details.asp?section=17&article=669886&issueno=12173#.XZ2LtGZRVPY