فرائد وفوائد (2)

5 جمادى الأولى 1431هـ

** قال تعالى (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة). ذهب كثير من أهل التفسير إلى ان معنى قوله جل شأنه (واجعلوا بيوتكم قبلة) أي صلوا في بيوتكم، ويفهم من قولهم هذا وصرح به بعضهم أن بني إسرائيل كانوا يصلون في البيع فشدد عليهم فرعون فأوحى الله إليهم أن اجعلوا الصلاة في البيوت،

وأقول: ان المعطيات التاريخية المستقاة من القرآن والسنة لا تساعد على قبول هذا الفهم الذي ذهب إليه هؤلاء الاجلاء من العلماء

ولعل الاظهر ان المعنى: أي متقابلة في مكان واحد متجاورة لها ما يميزها عن سواها، حتى إذا جاء النفير بأن يخرجوا من أرض مصر، تيسر عليهم أن ينادي بعضهم بعضاً.

** (يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه..) ذهب محمد بن كعب القرطبي رحمه الله إلى ان المعنى: يدعون بأسماء أمهاتهم، وذكر لذلك عللاً منها الستر على أولاد... وفيه تكرمة لعيسى بن مريم عليه السلام، واظهار لفضل فاطمة أم الحسن والحسين - رضوان الله عليهم -

وما ذهب اليه القرطبي قول لا تساعد اللغة على القول به، والقرآن عربي، والاظهر ان المعنى: بكتابهم ويؤيده قول الله (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) أي في كتاب. والعلم عند الله، ويرد على قول محمد بن كعب بما في الحديث الصحيح مرفوعاً عن ابن عمر (يقال يوم القيامة هذا غدرة فلان بن فلان) لكن من الانصاف ان نقول ان تعليل القرطبي - رحمه الله - له حظ حسن من النظر، لكن يقدم في مثل هذا صحيح الاثر.

** مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يحصى فيه من الشيب اكثر من عشرين شعرة، والناس يختلفون فيما يدفعهم إلى ان يشيبوا وغالب الامر ان هذا باعتبار تعلق قلوبهم من الناس من يشيبه التعليم وآخر يشيبه العقار وآخر تربية الصبيان وغير ذلك من أسباب الهم. ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معلقاً قلبه بالله في كل احواله قال عن نفسه: “شيبتني هود وأخواتها” وأخوات هود كما جئن مفصلات في حديث آخر هي الواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت والجامع بينهن ذكر اليوم الآخر.

وقد احسن الدكتور ناصر الزهراني بقوله في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لما اتتك قم الليل استجبت لها       تنام عينك أما القلب لم ينم

الليل تسهره بالوحي تعمره          وشيبتك بهود آية استقم

https://www.al-madina.com/article/36972/