أجرى الحوار: محـمــد ســـعـــد السهيمي
س / نود أن تعطوا القارئ نبذة عن سيرتكم الذاتية ؟
الاسم: صالح عواد صالح المغامسي.
الوظيفة الحالية: عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين وخطيب جامع الملك عبد العزيز وأمين لجنة الأئمة بالمدينة المنورة.
الدراسة: ثانوية المعهد العلمي بالمدينة 1400هـ ، بكالوريوس اللغة العربية 1405هـ ، الدراسات العليا جامعة الملك سعود.
الحالة الاجتماعية: متزوج ولي أربعة أبناء.
المشاركات والدروس العلمية: للشيخ درس أسبوعي في التفسير بمسجد السلام بالمدينة أنتجت تسجيلات الفالحين إخراجه بعنوان : تأملات قرآنية.
كما للشيخ دروس تفسير شهرية في جدة، حائل، ينبع.
سيكون للشيخ درس تفسير شهري ثابت فيجامع البواردي بالرياض بدءاً من شهر شعبان القادم إن شاء الله تعالى.
للشيخ برنامج أسبوعي في قناة المجد عنوانه: مجمع البحرين.
كما للشيخ العديد من المحاضرات في العديد من مدن المملكة ، إلا أن الشيخ باعه الأول وجل دروسه في تفسيركلام الله وبه عُرف واشتهر..
س/ بدايةً طلبكم للعلم متى؟ وعلى يد من مِن المشايخ؟
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد .. فإن طلب العلم من أجلَّ ما يطلبه المسلم من أمور دنياه، وقد قال الله عزوجل لنبيه: ((وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)) فلم يأمره بشيء أن طلب الزيادة منه إلا العلم ،ومع ذلك لم يعط نبيه الطريقة التي يطلب بها العلم ما دام غلب عل ظنه أنه الحق من الله عز وجل أما عن مراحل الدراسة فقد تلقيت الابتدائية في المدرسة الناصرية ومن ثم المتوسطة والثانوية وجميعها كانت في المدينة النبوية، وأما المرحلة الجامعية فكانت في جامعة الملك عبد العزيز فرع المدينة قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية ،وإن كان العلم أو التخصص الدراسي هو اللغة العربية.
أما العلم في المساجد وعلى العلماء فقد كان الشيخ محمد الأمين الشنقيطي جاراً ولم أطلب على يديه وإنماعوضت ذلك بالعكوف على كتبه فقد توفي وأنا لم يتجاوز عمري أحد عشر عاماً وتتلمذت علىيد الشيخ عطية محمد سالم ، والشيخ أبو بكر الجزائري ثم كان انتهاز الفرص واللقاءات مع الشيخ ابن عثيمين ولقاءات معدودة مع الشيخ ابن باز – رحمهما الله – وحفظ الباقين.
س/ يواجه طالب العلم وخاصة في السابق صعوبات في التحصيل ، ما هي أبرز الصعوبات وكيف يمكن التغلب عليها ؟
أي أمر يطلبه الإنسان لابد له منصعوبات ؛ ولكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه يسير على من يسره اللهعليه " والاستعانة بالله جل وعلا والإكثار من القراءة والقراءة في زمننا هذا متروكة من كثير من الشباب وهم لا يقرؤون حتى ثقافياً ، ومن أعظم أسباب التحصيل : كثرةالقراءة ثم إن الإنسان إذا حفظ أخبر به غيره كان ذلك من أسباب تمكين هذا العلم فيصدره ، وأنا أنصح كل من حصل على معلومة أن يبادر لقولها إلى من حله هذا يذلل صعوبة بقاءها في الصدر والاحتفاظ بها ، ثم بعد ذلك مواهب يضعها الله في قلوب من يشاء.
س/ لكن الملاحظ يا شيخ قلة دروس التفسير وكثرة المتون الأخرى من الحديث وغيره؟
هذا التباين صحيح ولكن من الملاحظ أن الصحوة للأسف عنيت بالمتون أكثر من عنايتها بالقرآن ، والشيخ الشنقيطي - رحمة الله عليه – كان صاحب إبداع في كثير منفنون العلم ، وعندما تيسر له أن يُدَّرِس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ألحعلى أن يفسر القرآن .. وقال كلمة هي عمدة لنا إلى اليوم : " كل العلوم تفيء إلىالقرآن " ، فمن أخطاء الصحوة اليوم عكوف الشباب بكثرة على المتون ، أنا لا أنفي النظر في المتون ولكن لا تُقدم وتعطَى من الاهتمام أكثر من القرآن.
س/ بعض طلابالعلم تجده يسابق للتحدث في أمور مصيرية تمس الأمة بأكملها.. ما تعليقك ؟
من أعظم الآفات أن يتصدر الإنسان قبل أوانه أو يطير قبل أن يريّش .. وقد قيل:
ومن يثـق الأصـاغر عن مراد - وقد جلس الأكـابر في الزوايا
وإن ترفـع الوضعــاء يوماً على - الرفعاء من إحـدى البلايا
إذا استـوت الأسافل والأعالي - فقد طـابت منـادبة المنـايا
حب الظهور حب الشهرة شيء فطري فإن لم يلجمه الإنسانبلجام التقوى والعقل والهدى والبصيرة قاده ذلك الحب الفطري غير المقيد إلى الهاوية ولذلك يقولون أن من يصل بسرعة قصوى يكون أقرب للسقوط ، بخلاف من يصل تدريجياً.. وقد كان الأكابر من سلف هذه الأمة لا يصل أحدهم إلا بعد مراحل من الطلب والعكوف ولايتعلق ولا يتدخل فيما لم يسأل عنه ويعلم أن من العصمة أن لا يسأل حتى يصل الإنسان إلى مرحلة يتمكن من نفع الناس وقلة التجارب لها دور في هذا الباب كثيراً.
س/ هناك ثلة من المتسلقين ليس لهم سوى التثريب والهمز واللمز ، ما هي الطريقة المثلىفي التعامل معهم ؟
المسلم من سلم المسلمين من لسانه ويده ولا أتهم فرقة بعينها ولا أن أنتقص من مسلم حياً كان أو ميتاً ولكن أقول من أعظم الأسباب التي فتحها اللهعلي من القدرة في التأمل في كلام الله عز وجل انصرفنا عن كلام الناس عن الخوض فيهأو سماعه ولما أرد الله بنا خيراً عافانا أن نتكلم في غيرنا أو نستمع كلاماً في الآخرين حتى أن تقدح فيمن تكلم حتى من يتهمنا ، فلما لم ننشغل بكلام الناس منَّالله علينا بالفتح في أن نتأمل ونتدبر في كلامه - هذه قاعد عامة - ولا أحب مسألة التصنيف ولا أود الخوض في مثل هذه القضايا ، وأقول قال ابن رجب : يأبى الله العصمةإلا لكتابه ، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المراد في كثير صوابه.
س / ماذا عن المخذلين الذين يخذلون زملائهم ويصرفونهم عن طلب العلم ، ودائماً يتحدثون عن صعوبته؟
هؤلاء لا يلتفت إليهم ويجب على طالب العلم الذي يطلب أمر عظيم ويعلم أن ثمةمن يفق حائلاً بينه وبين هذا الأمر وهذه سنة من سنن الله في خلقه فإن من الناس منهم ضعاف النفوس خواء العقول وكلما رأوا أحداً يروم مراماً صعباً خذلوه وقد جاءذكرهم في القرآن على أنماط وطرق متعددة لذا على طلاب العلم ألا يلتفتوا إليهم طرفة عين ولا يعبهون بكلامهم إنما يحددون أهدافهم على بصيرة ويأخذون بالأسباب المشروعةثم يختمون هذا كله بالتوكل على الرب العظيم.
س / مواقف يمكن أن تذكر لبعض العلماء الكبار يمكن أن تفيد الجيل ؟
إن الأئمة الأفذاذ كالشيخ الشنقيطي واب ن باز وابن عثيمين – رحمهم الله – حياتهم مليئة بالمواقف المضيئة ولعل من المواقف التي يمكننا ذكرها ما نقل لي عن العلامة الشنقيطي أن من إجلاله كلام الله وعظيم كورعه عن الفتوى وذكر لي ابنه عبد الله أن وفداً من الكويت قدموا إليه ثم سألوه أسئلة فأبى أن يجيب ثم لما ألحوا عليه استوى في جلسته وقال أجيبكم من كلام الله ثمتلا قوله تعالى : ((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِعِلْمٌ)) فلما أكثروا عليه قال : قال فلانكذا وقال فلان كذا أما أنا فلا أحمل في ذمتي من كلام الناس شيء وهذا من أخبارالشنقيطي.
أما الشيخان ابن باز والشيخ ابن عثيمين فقد عرف عنهما حسن الأدب معغيرهم من العلماء وأذكر أنَّا كنَّا في الحج وأظنه في عام 1418هـ وكانت هناك محاضرة للشيخ العثيمين في جامع ابن باز فكان سماحة الشيخ ابن باز – رحمه الله – أولالحاضرين وبعد ذلك ألقى الشيخ محمد المحاضرة على مضض فلما حضرت الأسئلة أبى الشيخ محمد أن يجيب والشيخ ابن باز حاضر ، لكن الشيخ ابن باز أصر وقال إنما الأسئلة كتبتلك ، وبعد ذلك تداول قَبِلَ الشيخ محمد أن يجيب فأجاب على بعضها ثم بحسن تخلص مماتبقى جاءه سؤال فقال هذا سؤال معضل أحيله إلى الشيخ ابن باز ، فلما أجاب الشيخ أغلق باب الأسئلة ، هذا الموقف يورث في كل من يطلب العلم حسن الأدب مع الغير.
س / بدأتم دروسكم تقرباً قبل حوالي ( 15 عاماً ) ولكن العجيب أنك لاتدرس سوى التفسير ؟ والسؤال لماذا التفسير ؟
لأسباب عديدة منها:
ونعودهنا إلى قول الشنقيطي " كل العلوم تفيء إلى القرآن ما السنة إلا في آية واحدة((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)).
والملاحظ أن الكثير منالطلاب لو سألته عن تفسير آية لوقف .. وهذا قادح كبير في الطلب وقادح كبير فيالتأهل والأمر الآخر أن القرآن لكثرة ما جمع تستطيع أن تنتقل منه إلى شتى العلوم ،فأنا أدرس النحو والبلاغة والفقه والعقيدة من باب أولى ولقد كتب الله عز وجل للتأملات القرآنية بين الناس حتى أحد الزملاء الدكاترة قد قرر على الطلاب في جامعة الطائف التأملات وهذا من فضل الله والمقصود من هذا كله أن التأملات القرآنية تحتاجإلى آلة وأعظم آلاتها حسن الظن بالله وهذا أصل في كل شيء ثانياً العلم بالغة العربية ثالثها العلم بالتاريخ وختامها التدبر فيما ذكره أسلاف هذه الأمة ممن منَّالله عليهم بالعلم.
س / الأماكن التي تلقي فيها دروسك متنوعة لو ذكرتموها ؟
دروس التفسير ولله الحمد أقبل الناس عليها ولدي عدة دروس في ينبع وأملج وحائل والرياض سيفتح قريباً في جامع البواردي وجامع العطير والمدين بالطبعة كذلك جدة ، في هذا الصيف أيضاً الطائف وإن شاء الله درس في جدة ثابت في جامع الملك سعود في النزلةاليمانية كل أوسط اثنين من كل شهر .. والحمد لله.
س / الجيل الحالي من الطلاب هل يقارنون بالجيل السابق من ناحية الجد في الطلب ؟
المقولة الخاطئة أن الجيل القديم هو الأمثل ، والكثير من الناس يمتدحون القديم ويرفضون الجديد وهذا شيء طبيعي في البشر لكن كما أنه كان أناس مميزون في الماضي هناك أناس مميزون في الحاضر.
س/ أسلوبك المميز في الطرح والارتجالية المبهرة في محاضراتكم ودروسكم وبرامجكم لا شكأن لها أطوار مررت بها ؟
أول أطواره في الصف الرابع الابتدائي كتب لي والديحفظه الله مقالة في حق الجار وألقيتها بعد صلاة الظهر في المدرسة الناصرية ، ثم أخذت طوراً أكبر في المرحلة الثانوية كنت أتكلم بعد الصلاة وأكتب كذلك لغيري منالطلاب ، ثم أخذت طوراً أو بعداً أكبر في المرحلة الجامعية حيث شارك وفد من المملكةفي مؤتمر بالكويت وكنت ضمن الوفد وكنت الوحيد مع الحضور ألقي ارتجالاً من غير ورقة ولله الحمد والمنة ، ثم لما كتب لي إلقاء المحاضرات والخطب ألقيت أول خطبة عام 1408هـ أي قبل 18عاماً في هذا المسجد المجاور مسجد السلام ثم ما يزال الإنسان يصلح عيبه ويقوم نفسه حتى وصلت إلى ما نحن فيه نسأل الله ألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
س/ عزوف بعض العلماء والدعاة المؤثرين عن الظهور في الإعلام المقروء والمرئي إلى ماذا تعزونه ؟
الأصل أن يخرج الناس ولكن إن كانت هذه المطبوعة أو القناة متلبسة لكثير من الشرور فلا أؤيد الخروج أما غيرها مما قل شرها وكثر خيرها من الصحف والمجلات والقنوات فيحسن بالعلماء أن يطرقوها وأن يصلوا إلى الناس من خلالها وماغلب شره وعُرفت بالفساد فليس هناك مصلحة راجحة للوصول من خلالها.
س/ بعض الدعاة يخرج في القنوات الفاسدة وتجد أن بعض المحسوبين على المستقيمين يسارع لاقتناء الدشبحجة مشاهدة الداعية الفلاني.
هذا عذر واهي وأرى أن تكون كلمة المشايخ واحدة ويتفق على أن من كثر شرها من الفضائيات لا يخرج فيها حتى يرد كيدهم في نحورهم ولايتعذرون بخروج الأفاضل فيها.
س/ قناة المجد الإسلامية الرائدة يظهر فيها أصوات النساء في برامج القرآن وتجميلها لصوتها؟ رأيك ؟
قناة المجد منارة علمية هادفة ويجب على الجميع نصرتها لأنها تمثل اليوم التوجه الإسلامي المراد وليس التوجهالإسلامي المثالي ، وأصحابها لا يدعون المثالية وأما عن خروج النساء بأصواتهن فهذاشيء يسير وفي القاعدة الشرعية " يجوز تبعاً ملا يجوز استقلالاً " جملة القول أنقناة المجد منارة عظيمة للإعلام الإسلامي الهادف.
س / ماذا عن برنامجكم ( مجمع البحرين ) في القناة العلمية ؟
فكرة البرنامج قائمة على ثنائيات أذا ذكرأحدهما استدعى الأخر كشوقي وحافظ ، أدم وحوا ، هابيل وقابيل ، جبريل وميكال ، وأصل البرنامج كفكرة عرض على الشيخ راشد الزهراني ووافق على عرضه من جلسة واحدة ولم يطلب كثيراً من الإثباتات على نجاحه وهذا دعم كبير لا أنساه للشيخ ، وكما قلت بأن الإخوان في القناة العلمية تبنوه ثم منَّ الله عليَّ بأن أنهيت في غضون ثلاثة أيام ثلاثة عشر حلقة تقريباً نصف ساعة أو أقل وما زال يعرض وتعرض لنا أيضاً القناة شرح الدرة المضيئة وهو في السيرة النبوية شرحناه العام الماضي في جامع ولي العهد في دورة ابن باز الكبرى في مدينة جدة.
س / كلمة أخيرة في نهاية اللقاء؟
أشكركم على إجراء المقابلة وأسأل الله أن يجعل لروائع الصيت الذائع في السماء قبل الأرض.