مفردات القرآن

الثلاثـاء 12 ربيـع الثانـى 1433 هـ 6 مارس 2012 العدد 12152

- الظل: أعمُّ من الفيء؛ ويقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس ظل، ولا يقال فيء إلا لما زالت عنه الشمس، ويعبر بالظل عن العز والمنعة ومنه (ظل السلطان)، أما قول الله في سورة المرسلات: {انطَلِقُوا إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} [المرسلات:30]، فلأن الدخان إما أن يصعد إلى أعلى، وإما أن يأخذ ذات اليمين أو ذات الشمال.

- الشيب: بياض الشعر؛ وما أعظم الأشياء إن كانت على توحيد وتقوى، وفي الحديث الصحيح: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة». وقد فسر بعض العلماء قول الله تعالى: {وَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر من الآية:37] بأنه الشيب، ويروى هذا عن الحبر ابن عباس. قال الإمام القرطبي: "ومن عمّره الله ستين سنة لم يبق له عذر، لأن الستين قريب من معترك المنايا، وهو سن الإنابة والخشوع وترقب المنية ولقاء الله تعالى".

- الكيد: ضرب من الاحتيال؛ وليس في كل أحواله مذموماً، فقد قال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف من الآية:52]، ومفهومه أنه ربما يهدي كيد من لا يريد بكيده الخيانة، ويؤيد هذا المعنى قول الله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم} [الأنبياء من الآية:57]، وقوله في خبر الصديق يوسف: {كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} [يوسف من الآية:76].

والكيد بالنساء ألصق وهنّ به أدرى، وفي التنزيل: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [يوسف من الآية:28] قال أحد علماء شنقيط: "وعظم الإله كيدهنّ لأنهن هنّ هنّ وفي خبر الحجاج بن يوسف مع هند بنت النعمان ما يزيدك يقينا بهذا، والواقع أعظم الشهود".

- الخرق: قال الراغب الأصفهاني: "هو قطع الشيء على سبيل الفساد من غير تدبر ولا تفكر"، وفي هذا التقييد نظر، قال الله تعالى في خبر موسى عليه السلام: {قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} [الكهف من الآية:71]. وقد يتوسع باللفظ، كما في قوله سبحانه: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ} [الأنعام من الآية:100]، أي حكموا كذباً وافتراءً من عند أنفسهم. ويقال في اللغة (امرأة خرقاء)، أي لا تحسن أن تصنع شيئا، لمكانتها وكرامتها عند أهلها، إذ لا تُكلف بشيء. ومن هذا ما يروى أن ذا الرُّمّة الشاعر الأموي مر في سفره ببعض البوادي، فإذا امرأة خارجة من خباء لها فنظر إليها فوقعت في قلبه، ومعه إداوة له فيها ماؤه فمزقها، ثم دنا من المرأة يستطعم كلامها، فقال: "إني رجل على ظهر سفر وقد تمزقت إداوتي، فأصلحيها لي"، فقالت: "والله إني ما أحسن العمل وإني لخرقاء" أي لا أعمل شيئاً بيدي لكرامتي عند أهلي.

- الطعام: جاء في القرآن على معان، بحسب القرائن، فقول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة من الآية:96]، فالمراد بصيد البحر ما يصطاده الإنسان، أي: ما أُخذ بحيلة، والمراد {وَطَعَامُهُ}، ما ألقاه البحر أو ما جزر عنه الماء.
وفي قوله جل ذكره: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} [المائدة من الآية:5]، المراد: الذبائح، لأن الطعام ينقسم إلى ثلاثة أحوال: ما لا محاولة فيه كالفاكهة والبر فهذا لا يحرم تملكه على أحد، ولا يتعلق بتملكه لأي أحد حكم شرعي. وطعام تقع فيه المحاولة، أي الصنعة، مثل عصر الزيت وخبز الدقيق، فهذا لا تعلق للدين به. ما تقع فيه المحاولة وتحتاج إلى الديانة والنية، وهو الذبائح، فأباح الله لنا بهذه الآية ذبائح أهل الكتاب، فنسمي الله ونطعم، والتسمية هنا أن نقول (بسم الله) فقط، إذ لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم زاد عليها عند التسمية على الطعام. وأما قول الله عن بني إسرائيل: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ} [البقرة من الآية:61]، فقد قال الحافظ بن كثير: "وإنما قالوا على طعام واحد وهم يأكلون المن والسلوى، لأنه لا يتبدل ولا يتغير كل يوم، فهو مأكل واحد". وقيل كذلك كانوا أهل فلاحة فرغبوا إلى مألوفهم وهذا حق، ولهذا أجاب الله دعاءهم.