محراب التعبد

اليوم السابع - المقال (23) - 18 ربيع الآخر 1431هـ

نعم، عظّم الشرع أمر العبادات، وجعلها طريقا موصلا إلى رضوان الله رب البريات، لكن ذلك لا يعني حصر الأمر ولا كماله، بل في القرآن العظيم (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) وهذا ما يجعلنا نجزم أن المجتمع محراب حق للتعبد، وثمة صور حسن أن تتوارى في حياتنا الوظيفية الاجتماعية، حسن بل واجب أن يدرك القائمون عليها وبها عظيم الأمانة وجلالة المسؤولية.

فمن ذلك التأخر في إنجاز المعاملات القضائية في المحاكم الشرعية، فكم من مجلس قضائي يؤجل بعد أن تكبد صاحبه عناء السفر وبُعد الديار وغير ذلك من المشاق كل بحسبه، دون أن يسمع- أحياناً- تبريراً مقنعاً أو سبباً مرضياً. وفي الحديث (اللهم من ولي من أمتي شيء فرفق بهم فارفق به..).

ومما هو غير بعيد عنه زمانا ومكانا وأعظم منه خطراً وأثراً ما يقع أحياناً من عدم مبالاة بعورات الناس في المستشفيات وفي أثناء العمليات الجراحية خاصة إذ يقع على الأطباء والممرضين وأطباء ومسؤولي التخدير خاصة من عظيم المسؤولية أمام الله ما ترتعد له الفرائص، وهذا يوجب استشعار الجميع للخوف من الله في المقام الأول وفي الحديث (و من يتبع عورات المسلمين يتبع الله عوراته، ومن يتبع الله عوراته يفضحه ولو في جوف بيته).

ومما هو قريب من هذا التفريط، عدم المبالاة في إعطاء الإجازات المرضية لمن لا يستحقها، بل ينجم عن إعطائها ضرر بيّن وفساد عريض، وهذا قطعاً مندرج في شهادة الزور التي جاء الحديث بلعن القائم بها عياذا بالله.

يجب أن يدرك المسلمون عظم المسؤولية التي يقومون بها، فهم - ما شاء الله لا قوة الا بالله- من أكثر فئات المجتمع إنصافاً في مسألة الرواتب الشهرية إذا ما قورنوا بغيرهم. ومع ذلك ترى من المعلمين من لا يكف عن الكلمات البذيئة والسباب الفاحش وتحقير شأن الطالب بل وربما نعته بنعت قد يلازمه دهراً. فما أفحش إذا ما زيد عليه إهمال للعطاء العلمي وتعسف في العقاب وانشغال المعلمين باسهمهم يخشون كسادها واستراحات يخافون شتاتها والطالب الضحية!!.

فطوبى لمن بذل ما في وسعه، وخاف الله فيما اؤتمن عليه وعلم أن المجتمع حقا محراب للتعبد.

https://www.al-madina.com/article/24666/